قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Saturday, May 30, 2015

استراحة

مجلة الشباب


أكتب في مجلة الشباب منذ أحد عشر عامًا، ومنذ شرفني فقيد الصحافة لبيب السباعي بدعوتي لكتابة قصة شهرية. بدأ الأمر بحوار صحفي معي في منزلي بطنطا أجراه شاب متحمس اسمه شادي (لا أعرف أين هو اليوم)، ثم فوجئت بأن الحوار لن يُنشر لأن الأستاذ لبيب اقترح نشري أنا شخصيًا بدلاً من الحوار!. ، وهكذا بدأت حلقات (الآن نفتح الصندوق) مع دكتور محفوظ. في اليوم الأول تعرفت الأستاذ محمد عبد الله الشاب المتحمس النشط الذي صار رئيس التحرير لمرتين.  بعد فترة دعاني محمد عبد الله إلى إغلاق الصندوق وكفاية كده على دكتور محفوظ، لتبدأ سلسلة مقالات اخترت لها عنوان (شاي بالنعناع).  وعاصرت الأستاذين محمد عبدالله وحسن فتحي ثم محمد عبدالله ثانية. بعد هذا قام بعملية ثورية هي تحويل المجلة إلى جريدة أسبوعية رشيقة، مع جعل المقال أربع مقالات قصيرة.

عندما أعاد الأستاذ إبراهيم عيسى جريدة الدستور (الإصدار الثاني) طلب مني كتابة عمود يومي من 500 كلمة، فقلت له إن هذا صعب جدًا، وإنني أفضل مقالاً من ألف كلمة كل أسبوع. لن أجد كلامًا أقوله يوميًا، ولسوف اضطر في أيام كثيرة إلى افتعال كلام.. ثم إنني تعلمت أن كثرة الكلام تفقده مذاقه، على رأي شارلي شابلن: "لا أحد يرى الأشجار في الغابة" لأنها كثيرة جدًا، وهذا باستثناء حالات نادرة من العبقرية الخالصة مثال مصطفى أمين وأنيس منصور، وفترة الكتابة اليومية لإبراهيم عيسى وحاليًا طارق الشناوي وعمر طاهر وبلال فضل وغيرهم. هؤلاء لا يتعبون أبدًا ويظل رحيق التجدد والجمال في سطورهم مهما كتبوا.  لما تأملت ما أكتبه فوجئت بأنني أكتب 15 مقالاً لجهات مختلفة كل شهر، وهو رقم مخيف لم أفطن له من قبل .. وقد كنت أكتب مقالأً ساخرًا قصيرًا أسبوعيًا لدنيا الاتحاد الإماراتية، ثم توقفوا عن النشر لضيق المساحة، وهذا معناه انني كنت أكتب 19 مقالاً كل شهر!.معنى هذا أنني أكتب مقالاً كل يوم ونصف.

دعك بالطبع أنني لم أعتبر نفسي كاتب مقال قط .. كنت أعتبر نفسي دومًا صاحب انفعال ولست صاحب رأي.  أفرح وأبكي وتدمع عيناي، لكني لا أقدم حلولاً.. لهذا أنا كاتب قصة لا أكثر ولا أقل، والقصة هي الشكل الذي يناسبني أكثر. ولا شك أن الإفراط في المقالات يشبه الثقوب في ماسورة البندقية.. يقلل سرعة انطلاق الرصاصة ويضعفها، ثم أن الصحة لم تعد كما كانت، والبال لم يعد رائقًا  .. لقد حان وقت التقليل والتركيز إذن.  أو على الأقل زيادة عدد القصص وتقليل المقالات.

لهذا أرجو من إدارة جريدة الشباب الكريمة قبول منحي هذه الاستراحة، كما أرجو ذلك من القارئ العزيز. أرجو كذلك من الأعزاء الذين عرفتهم هناك أن يبقوا الباب مواربًا وأواصر الصداقة ممتدة،  لأنني بالفعل عرفت معهم فترة من أمتع فترات حياتي وأكثرها ثراء.  سلام يا شباب !

تمت