قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, June 17, 2013

حدث غدًا - 2



وما زلنا مع الخواطر المتناثرة والأسئلة التى تحتشد حول يوم 30 يونيو القادم:ـ

ـ7ـ عندما خرج الناس فى يناير ضد مبارك كان الهدف واضحًا، والنية صافية والنفوس موحدة. اليوم هناك صراع واضح على السلطة تلخصه قصة الناسك القديمة. الناسك الذى وجد شجرة يعبدها الناس من دون الله فصمم على قطعها. اتجه له الشيطان وحاول منعه لكنه غلب الشيطان وجندله. هنا عرض عليه الشيطان أن يترك الشجرة مقابل أن يجد تحت وسادته صرة مليئة بالذهب. وافق الناسك وانصرف.. فى بيته لم يجد تلك الصرة.. عاد فى اليوم التالى غاضبًا ليقطع الشجرة.. هنا تصدى له الشيطان وهذه المرة غلبه وصرعه أرضًا. بدا هذا غريبًا للناسك، فقال له الشيطان: «أمس كنت غاضبًا لله فلم يكن بوسع مخلوق قهرك، أما اليوم فأنت غاضب لنفسك ومن أجل الذهب، لهذا يسهل أن نهزمك !». هذا الموقف يلخص الحرب القادمة يوم 30 يونيو، كما تفسره آية من سورة البقرة: «قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ». لهذا لا أتوقع أن يكون هناك رابحون يوم 30 يونيو. سيخسر الجميع ما لم تصف النوايا، وتكون مصر هى الهدف من هذا كله

ـ8ـ لا ننكر تحرش بعض أطراف المعارضة الذى يفوق الوصف، لدرجة أن قيام مرسى ببناء كاتدرائية اعتبروه رشوة للأقباط كى لا يخرجوا يوم 30 يونيو !. وماذا لو لم يبن كاتدرائية ؟.. ألن يكون إخوانيًا متعصبًا يصادر الآخر ؟. نشر الموقع المخصص لشتيمة مرسى – والذى أعتقد أن شفيق هو من يموله – خبرًا يقول إن أوغندا رأت الاجتماع المزرى بصدد سد أثيوبيا فقررت بناء سدها !.. كأن الأمر (قعدة حريم) وكأن أوغندا رأت أداءنا السيء فجرت تحضر التليفون وتتصل بالصين: «عاوزين سد بسرعة.. الراجل بتاع مصر شكله مش عارف حاجة!». الناس قد اختلطت لديها الأمور لدرجة أن أحد المشاهدين يتهم الإخوان ببناء سد أثيوبيا لأن اسمه سد النهضة !ّ. ليس الإخوان هم الطرف الظالم الفاعل دائمًا. رأينا أن المعارضة تفعل ذلك وتعتبره جزاء وفاقًا عادلاً. انزلق لسان توفيق عكاشة – كالعادة – ذات مرة وقال: «انتوا دايمًا تقولوا إن الإخوان بيضربوا.. لأ.. دول فى المقطم كلوا ضااارب ما كلوش حرامى فى مولد !». وراح يضحك برغم أن هذا يضعف منطقه. والسؤال يا عم توفيق: كنت تنوى الهجرة إلى ألمانيا قبل أن يذبحك الإخوان فى الشارع. قلت هذا عندما انتخب مرسى. لماذا لم تهاجر ولماذا لم يحدث لك شيء؟ بل إنك هددت الرئيس بالقتل على الهواء وتمت تبرئتك

ـ9ـ بكل تأكيد هناك ضرورة للتظاهر يوم 30 لمنع الانهيار السريع الذى تشهده مصر فى كل شيء. وما زلت أرى أن الانتخابات المبكرة هى الحل الوحيد والأمثل، لأن البلد لن تهدأ طيلة حكم مرسى.. صار من الواضح أنها لن تهدأ أبدًا. لو كانت شعبية مرسى باقية فلسوف يفوز ويستمر ويخرس معارضيه، ولو كانت قد تدهورت فليرحل فى هدوء وبشكل متحضر. أعتقد أن بوسعنا التأكد من أن الانتخابات غير مزورة. حالة التحفز العامة تجعل التزوير شبه مستحيل، دعك من أن القضاء ضد مرسى أصلاً، وهكذا لن ينبرى طرف ليحتج بأن الانتخابات مزورة لو نجح مرسى ثانية. على المعارضة أن تقبل النتائج وأن تكف عن هواية فلسفة نتائج الانتخابات طبقًا للقاعدة التى اخترعتها مصر: «الطرف الخاسر هو الفائز أصلاً وهو الذى حصل على أصوات أكثر»ـ

ـ10ـ لعنة كاساندرا.. كاساندرا هى العرافة اليونانية التى أنذرت قومها من كارثة قادمة فلم يصغ لها أحد.. هناك أكثر من قلم يحذر من لعنة كاساندرا، وكما يصف وائل قنديل الموقف: «هناك صدام محتم بين قطارين يندفعان بسرعة ورعونة نحو بعضهما». من السذاجة أن نعتقد أن يوم 30 يونيو سيكون سلميًا كما يزعم الجميع. ادخل النت لترى أن كل الأطراف تعد لمذبحة باعتبارها (الحرب التى تنهى الحروب جميعًا). من الواضح أن اليوم لن يمر على خير.. كل طفل يعرف أن دماء كثيرة ستسيل وحرائق كثيرة ستشتعل، وسوف يلقى كل طرف باللوم على البلطجية المندسين. وقد بدأت البروفات بحرق مقر تمرد واقتحام بيت جمال حشمت الإخوانى الشهير. اقرأ هذه التعليقات على النت وقل لى رأيك فى مدى سلمية هذه المظاهرات: «إلى كل المصريين موعدنا يوم 30 - تهمة الخيانة العظمى إعدام لمرسى والشاطر وبديع - الكل سوف ينزل إلى الميادين لتحرير مصر من الاحتلال الإخوانى الهمجى - سنعيدكم إلى السجون يا جماعة الكذب والنفاق- أنتم أسفل وأقذر تنظيم». وتعليق أكثر تهذيبًا: «هتتفشخوا يا إخوان يوم 30 ستة بإذن الله» و «من غير إعلان كلنا عارفين وانسوا كلمه سلمية خالص. اللى هنشوفه يوم 30 أو حتى قبله مش هنقبل بأقل من اغتصابه الأول علشان يكون عبرة». جميل جدًا. قل لى الطريقة السحرية التى تستطيع بها السيطرة على هذه الجموع. على الجهة الأخرى يهدد إسلاميون كثيرون بأن اليوم هو نهاية الصبر والتسامح وأن تطهير مصر سيتم يوم 30 يونيو. لو سقط مرسى فهى نهاية الإسلام السياسى لفترة طويلة جدًا.. الحلم الذى عاش فيه كثيرون منذ سبعين سنة. الإسلاميون سوف يقاتلون عالمين أنها معركتهم الأخيرة. لهذا أتوقع أن يكون 30 يونيو داميًا فعلاً وأدعو الله أن أكون مخطئًا. ويبدو أن التاريخ سيدون هذا اليوم باعتباره تاريخ مذبحة اندفع لها الجميع بتصميم. ولسبب كهذا يبتاع الناس السلع الغذائية ويخزنون الأطعمة من الآن. لقد صار الخوف من الغد فردًا مهمًا لدى كل أسرة مصرية

ـ11ـ هنا أذكر فى دهشة متجددة حماس البعض للانقلاب العسكرى وحكم الجيش. رأيت من تهتف فى قناة الفراعين: «مصر بتقول: أنا عاوزة السيسى.. يبقى رئيسي». مع نغمة «الآن ينتظر الزمان ليحكم على السيسى.. فإما أن يستولى على الحكم أو يلحق به العار». فجأة جن الجميع ونسوا كل كلامهم منذ عام عن حكم العسكر ومذبحة بور سعيد وكشوف العذرية والشيخ عماد والإعدام للمشير وسامى عنان. ما أقذر لعبة السياسة هذه

ـ12ـ التظاهر يوم 30 يونيو عمل وطنى تمليه الضرورة، لكن الفارق هو ما ترمى له هذه المظاهرات. لو كانت ترمى لتنحى مرسى أو عزله أو قتله كما حدث مع مبارك، فأنا أتوقع الجحيم ذاته.. هدف المظاهرات يجب أن يكون الضغط على الحكومة لعمل انتخابات مبكرة.. يمكن أن يبقى مرسى ويمكن أن يرحل. ما عدا هذا يعنى مذبحة. دعك من سيناريو الجزائر. إسلاميون وصلوا للحكم بالصندوق.. انتزع منهم. تحولوا لميلشيات تذبح الجميع... مش احنا جربنا السياسة مش عاجبكم؟.. طيب جربوا الإرهاب بأه. حتى دون سيناريو الجزائر، فأنت تعرف جيدًا أن الإسلاميين سيبدءون فى جمع التوقيعات ضد الرئيس الجديد بعد أسبوع واحد. وسوف يتحدث الناس عن أيام الإخوان «يا أخى كانوا فاشلين بس مش حرامية..». لو أنكرت أن هذا سيحدث فأنت لا تفهم الشعب المصرى المصاب بحالة مزمنة من الحنين للماضى. معنى هذا دوامة أبدية لن نخرج منها لعدة قرون. المشكلة أن أطرافًا كثيرة تتحدث عن طرد مرسى وعن محاكمته، بل إنهم بدءوا فى وضع شكل الحكومة التى ستأتى بعده، والمخرج خالد يوسف بدأ فى تقرير مصير الإخوان وعمن يعفو ومن يسجنه. الدكتور فريد زهران القيادى بجبهة الإنقاذ يقول: «بعد سقوط مرسى اتفقت القوى الثورية على وضع الدستور أولا، ثمّ تشكيل حكومة نزيهة». لاحظ أنه يرى الموضوع مفروغًا منه. ممدوح حمزة الناشط السياسى يقول: «عصر الإخوان سينتهى يوم 30 يونيو، وصلاحية الرئيس محمد مرسى انتهت دون أى إنجازات أو إصلاحات ولن يستطيع إعادة إحياء نفسه من جديد»ـ

ـ13ـ أطراف كثيرة من مصلحتها أن تحدث مذبحة.. سوف يتصاعد الدخان والغبار، ووسط هذه الفوضى يحدث أى شيء.. يستولي الجيش على السلطة، أو يعود الجنرال الهارب وهو يمتص البونبون أو يحكم جمال بيه أو تدخل إسرائيل سيناء أو تبنى أوغندا سدًا آخر.. أى شيء.. يجب ان نتذكر هنا أن الجنرال الهارب هو أهم اسباب انتخاب الناس للإخوان. لقد انتخب الناس الإخوان لأنهم ليسوا هو

يوم 30 يونيو يوم صعب، يثير قلق الجميع من الغد.. الشعور بأنه ضرورى، ويقين الكل أن الأمور ستفلت فيه. يجب أن نلتزم أقصى قدر من التعقل وضبط النفس، وأن يكون هدفنا الوحيد هو (انتخابات مبكرة) وليس إسقاط مرسى. الاختيار لا الإرغام