قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Monday, April 16, 2012

مبارك بارت تو



الرئيس المناسب الوحيد لمصر هو الرئيس الذى يسمح باختيار رئيس آخر بعد أربع سنوات. فى رأيى أن اسم الرئيس ليس مشكلة طالما نحن نعرف يقينا أنه سيرحل، وهذا فى حد ذاته كفيل بتصحيح المسيرة تلقائيا، وكفيل بأن يخبرنا بأن الثورة نجحت وحققت معجزة. (هذا المقال يوم الخميس 12 أبريل ولا أعرف ما ستسفر عنه الأمور)ـ

لكن مؤخرا ظهر اسمان شديدا القوة، هما عمر سليمان وحازم أبو إسماعيل. والمشكلة هى قلقى البالغ من أنهما لا يحققان شرط الرحيل، وهناك بوادر خطر واضحة لدى كل منهما كما سنبين حالا

كنا قد رأينا عمر سليمان نائبا لمبارك فى آخر أيامه، ورأينا المشهد الدرامى بالغ القوة له وهو يخبرنا بصوت متحشرج أن (مبارك) قد تنحى. بدت لى هذه نهاية ممتازة للفيلم ولعصر كامل. بعد عام تقريبا فوجئت بأن هناك جزءا آخر من الفيلم السينمائى، وأن سليمان مرشح للرئاسة. يقول ناقد أمريكى: لا تشاهد أبدا أى فيلم سينمائى له رقم فى العنوان، لأنه غالبا مبتذل ردىء. هذا ينطبق على (الفك المفترس 2) و(المنشار 4) وفيلم (مبارك 2) الذى نراه اليوم

الحقيقة التى لم نكن نفهمها منذ عام هى أن نظام مبارك هو أقوى نظام فى العالم فعلا.. أقوى من الحزب الفاشى والنازية إلخ.. سنة ونيف وهو مستمر فى الحركة والتفريخ بلا توقف. والآن يرشح عمر سليمان.. فيأتى رد الفعل الدفاعى متأخرا جدا وهو العزل السياسى.. هذا القرار كنا نطالب به منذ زمن. والمشكلة أن كثيرين من كتابنا يرفضون هذا القانون باعتباره نوعا من أعمال ترزية القوانين وتم تفصيله بليل ضد شخص واحد. بصراحة نحن فى ثورة والبلد مترنحة لم تقم بعد، ولا بد من إجراءات استثنائية. ما نحن فيه منذ عام كامل يعود إلى الإصرار على طريقة (الجنتلة) المتحضرة هذه مع مبارك، وها نحن أولاء لم نظفر بأى شىء.. استمروا فى أسلوبكم المتحضر ولتروا عمر سليمان رئيسا للجمهورية بعد شهرين.. وقتها ستملؤون الدنيا صراخا حول أن الانتخابات تم تزويرها أو أن إرادة الشعب تم التلاعب بها. أليس كذلك؟ العزيز إبراهيم عيسى يقول فى مقال نشر قريبا إن هذا القانون يفترض أن الشعب لم ينضج بما يكفى، ويمكن أن يختار عمر سليمان لو ترشح. أقول له: لماذا تجرب فى حقل خطر كهذا قد يأتى بنظام مبارك من جديد إلى الحكم سواء بانتخاب حقيقى أو بالتزوير؟ هناك احتمال لا بأس به أن الأغلبية قد تختار سليمان فعلا. كالعادة أقول إننى أركب أكثر من سيارة تاكسى وأسمع السائق يثرثر.. فى 70% من الحالات يقول السائق إنه سينتخب سليمان لأنه رجل جامد عارف دواخل البلد. أمس قال لى صديقى الثورجى المثقف إنه سينتخب سليمان. معنى قدوم الرجل هو أن آلة الزمن عادت لتاريخ 24 يناير 2011 ببساطة، وكل من استشهدوا أو فقئت عيونهم فعلوا ذلك على سبيل التسلية. دعك من أن الرجل قوى ويستطيع تصفية الحساب مع الإخوان وحركة 6 أبريل وكل من وقف ضد نظام مبارك يوما

منذ عامين كان لدى حشد من مقالات الليبراليين كلها تؤكد فى ثقة أن شعبية الإخوان فى الشارع المصرى ليست قوية كما يحسب السذج أمثالى، وأن الشعب المصرى يختار الإخوان كرها فى الحزب الوطنى، وحتى فى أيام الانتخابات كانت عناوين الصحف تؤكد فى كل مرة أن الليبراليين تعلموا من الدرس وسوف يكتسحون.. الآن ماذا تقولون؟ بصفتى طنطاويا أقرب للريف وأبعد عن مجتمع (وسط البلد)، كنت أعرف الصورة جيدا فى القرى والنجوع، وأعرف الحجم الحقيقى الجبار للإسلاميين، وكتبت عن هذا عام 2005 قائلا: لا يوجد خيار ثالث حاليا.. مبارك أو الإخوان.. إما أن تقبل الديمقراطية وما تأتى به، أو تعترف بكلام مبارك حول أن الشعب لم ينضج للديمقراطية. لكننا اليوم لا نملك ترف التجربة… نحن نكرر نفس الخطأ مع سليمان وقد نفيق لنجد أنه رئيس الجمهورية يوم لا ينفع الندم. لهذا أؤكد أننى أرحب جدا بقانون العزل، وكان يجب أن يصدر منذ عام على الأقل. أعجبتنى كلمات المستشار محمود الخضيرى إذ يقول: «هل نحن فى فترة ثورية أم فى مرحلة عادية؟ نحن فى فترة ثورة، ومؤسسات الدولة لم تكتمل، وأهداف الثورة التى قمنا لأجلها وضحينا لم يتحقق منها إلا النذر اليسير.. ولذا أسأل الحكومة هل عندما قتل الثوار الليبيون القذافى هل فكر أحد فى محاكمتهم أو وصفهم بالإجرام؟». نحن لا نطلب قتل أى واحد.. نطلب فقط أن لا يترك لهم الملعب السياسى ليمرحوا فيه

أبوس إيديكم.. كفانا أخطاء.. لنوقف التحضر و(الجنتلة) قليلا خصوصا فى زمن يقف فيه البلطجية بالسنج عند كل ناصية مما يؤكد أننا لسنا فى الدانمارك…. كل بلد فى العالم اضطر لإجراءات استثنائية فى لحظات بعينها

ننتقل الآن لموضوع آخر هو الشيخ حازم أبو إسماعيل. شعبية الرجل عظيمة وملصقاته فى كل مكان، ومن الواضح أن تمويل الحملة أسطورى. ما أريد قوله بصدد موضوع جنسية الوالدة -حديث الساعة- هو أن أى طرف لم يثبت كلامه. والشيخ حازم لم يثبت بعد أن كلامه صحيح. هناك قدر جبار من التلاعب بالكلمات وفهم عبقرى للتفكير المصرى، والمحكمة أصدرت الحكم فى حدود ما طلب منها.. هذه ألعاب محامين على أعلى طراز.. يقول نجاد برعى المحامى والناشط الحقوقى: «الناس لم تفهم حكم الشيخ حازم، فالحكم ألزم وزارة الداخلة بأن تعطيه شهادة تُفيد جنسية والدته وفقا لسجلاتها فقط، وهذا لا ينهى الجدل حول جنسيتها». هل عندى عيادة خاصة؟ يمكن أن أرفع قضية على وزارة الداخلية لإعطائى ورقة تثبت أنها لا تعرف إن كنت أملك عيادة أم لا. وسوف أستعمل هذه كوثيقة من وزارة الداخلية شخصيا تثبت أننى لا أملك عيادة! شيخ حازم.. أريد معرفة عنوان ورقم هاتف محاميك العبقرى، أو هاتفك أنت لأستعين به فى ما بعد. لا أعنى بهذا الكلام أننى أتهم الشيخ حازم بالكذب.. الكلام واضح.. أقول إنه لم يثبت صدقه بعد، وقد قدم له الكثيرون حلولا ممتازة، منها تقديم الجرين كارد أو جواز سفر الوالدة المصرى بما فيه من أختام الدخول والخروج، لكن الرجل مصر على عدم عمل هذا على طريقة مبارك فى الغموض. ومهما كانت نتيجة هذه القصة، فإن رد فعل السلفيين كان مقلقا فعلا. هناك كمية عدوانية لا توصف… هذا رد أحدهم على النت يقول: «لا بد يا أغبياء أن تفهموا أنه مهما فعل الفاجرون والمنافقون أفعالهم أن أمر الله نافذ… مصر ستعود دولة إسلامية شئتم أم أبيتم وسيخسأ الله الكافرين… من يرفض الشريعة الإسلامية ما هو إلا كافر ومنافق… وما أكثر الكافرين والمنافقين فى الدول الإسلامية… ومن أراد مسميات الكفر من علمانية وليبرالية ويسارية وشيوعية واشتراكية وبرنجانية ومهلبية فهو منافق وعذابه عند الله أكثر من الكافر…». هذه عينة صغيرة جدا.. أما نغمة رفض القانون والتهديد ببحور من الدم فتتكرر بكثرة.. ما لزوم القانون؟ لو تمسكتم به فلسوف نملؤها عليكم خيلا ورجالا.. سوف نحرق مصر كلها لو لم يترشح هذا الرجل!ـ

حتى لو ثبت بوضوح لا سمح الله أن الشيخ تلاعب أو كذب، فلسوف يقولون إنها مؤامرة أمريكية إسرائيلية إيرانية، وأن العالم اجتمع لإسقاطه (لأنه رمز النور.. ولأنه كان حيثور).. نغمة (من لن ينتخبنى كافر) نغمة خطيرة جدا وهى المشكلة الحقيقية.. ونغمة (نحن نعرف مصلحة الناس وسنرغم هذه الخراف الضالة على الطاعة ولو بالسيف) أخطر

يمكن بسهولة معرفة ما سيحدث بعد أربع سنوات لو تولى الشيخ حازم: هل تريدون الديمقراطية وتداول السلطة على طريقة الغرب الكافر أم تريدون شرع الله والخلافة؟ لن يرحل الرجل وسوف يصير كل من عارضوه منافقين وكفارا

هذان مرشحان أعرف يقينا أنهما لن يرحلا أبدا