قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Friday, October 2, 2009

من أجل مزيد من الجودة

هناك وباء جديد لا يختلف عن إنفلونزا الخنازير في الفتك ولا سرعة الانتشار، وقد راح يجتاح كل هيئة وكل مؤسسة وكل هيئة علمية، وهذا الوباء اسمه (ضمان الجودة). هناك دائمًا منحة من الاتحاد الأوروبي وهناك أشخاص مهمون جداً يتقاضى الواحد منهم في الشهر ما تتقاضاه أنت طيلة حياتك، وهناك كتيبات وهناك دورات لابد من حضورها لتنام فيها وإلا خربوا بيتك.. حتى تشعر بأن الأمر يتعلق بتجربة نوع جديد من أساليب النوم. وهناك برامج من الخارج تحمل أسماء طويلة مثل
 ZEFT و HEBAB
 وهناك تهديد دائم بأنَّه لا مزيد من الغذاء المجاني، وأنَّ الفرصة متاحة كي تُطرد ويجوع أطفالك

المشكلة أنني لا أجد أثراً لهذا على أرض الواقع. هناك ضوضاء ودخان كثيران جداً، لكنك لا تجد أي نار ولا أي طحن. هذا الوباء له علاقة جينية بابن عم قريب له هو التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية.. كلهم جاءوا من مصدر واحد لا أعرف ما هو.. يجمعنا المدير ويقول لنا في حزم: ـ"لقد انتهى زمن الغذاء المجاني.. نريد جداول تحدد مهمة كل موظف عندنا، وعدد الساعات التي عملها والتي لم يعملها.. أريد جداول تحدد مدى تطبيق معايير الجودة في المصلحة، وربط هذا بالمعدل الحركي الاستثنائي لأيون الأوزون.. سوف نشكل لجنة.. هذه اللجنة مهمتها الأساسية تشكيل لجنة تنبثق عنها لجنة.. واللجنة الأخيرة تحدد مجموعة من الأشخاص مهمتهم مراقبة الجدول، وعمل جداول تحدد الموظفين الذين لم يتلقوا دورات في الجودة. هؤلاء سوف تقام لهم دورات جودة ثم يتم امتحانهم.. على أن تضع الامتحان لجنة مخولة بذلك يتم ترشيحها طبقاً لمعايير ضمان الجودة.. وهذه اللجنة سوف تضع خطة لتطبيق الجودة في الأشهر المقبلة، وعندما نستعد لذلك سوف نشكل لجنة تحدد الوقت المناسب لدعوة هيئة الجودة كي.." ثم ينقطع صوته فيشرب جرعة من الماء ويواصل الكلام: ـ"وهذه اللجنة سوف...." هنا أنظر لساعتي فأكتشف أننا نتكلم عن تطبيق الجودة منذ ثلاث ساعات.. هناك كومة من الأعمال على مكتبي، وكلها عاجل، لكن لا مفر من المجيء هنا لأن الجودة لا ترحم. الخلاصة أننا قضينا اليوم كله في التخطيط للعمل حتى لم نجد ثانية واحدة نعمل فيها. نعم.. هناك أناس خلقوا للجودة وأنا لست منهم لأنني لست جيداً بما يكفي.. كل ما أعرفه هو أنَّ على الاستمرار في سماع هذا الهراء حتى لا أجد نفسي في الشارع.