قصاصات قابلة للحرق

ابحث معنا

Thursday, October 8, 2009

قصة هيام - الحلقة الثانية


====================================


قالت (ليلى) بصوت مبحوح
 "إلى أين تذهب تلك الفرص الدسمة؟.. من يظفر بها يا ربي؟"
في سرها قالت هيام
 "تذهب لي يا بلهاء.. أنا التي تظفر بها"
على كل حال كانت قد قررت أنه يكفيها شيء واحد.. أن يتقدم لها هذا الفتى الساحر وتعطيه موعدًا، ثم تأتي يوم سبت لتعلن في المكتب
 "هذا الفتى الوسيم الثري.. لقد تقدم لي الخميس الماضي لكني رفضته.. لا أحب الرجال الذين يستعملون المنديل كثيرًا"
وسوف تجن الأخريات غيظًا

على كل حال كانت توقعاتها دقيقة جدًا.. لقد بدأ (رامي) يتردد على المكتب كثيرًا.. أكثر مما يتحمله الموقف في الواقع؛ فمن الصعب أن يتحمس أحد لشحن الطرود بهذا الشكل. ثم بدأ يتعمد الكلام معها، والكلام كان كله عن الطرود –وهو موضوع شائق كما ترى– ثم بدأ يتطور.. إنه أهلاوي ومباراة الأهلي الأخيرة حديث الساعة.. ماذا؟.. هل تحبين كاظم الساهر مثلي؟.. غريب هذا
الآن يمكننا أن ننسى كل ما عرفناه عن هيام.. لقد صارت تسأل نفسها في كل ليلة
 "متى يتقدم هذا المعتوه؟.. هل يحسبني سأنتظر للأبد؟"
لكنها لم تكن متأكدة من رد فعلها لو تقدم.. هل ترفضه؟.. الآن لم تعد واثقة
عرفت أنه وريث ثري جدًا، وأنه رجل أعمال، وأنه وحيد.. رأت سيارته ورأت كيف يدخن.. لم يكن يهز رجله أو يحك أنفه كثيرًا
من الواضح أنه عريس ممتاز



قال لي (عباس) وهو يراجع ما كتبت
 "لا بأس.. الحلقة الأولى جيدة.. أشعر أن شيئًا سيحدث"
قلت له في غيظ
 "طبعًا سيحدث شيء، لو لم يحدث فلماذا أكتب أصلاً؟"
 "لكن حاول ألا تفسدها"
 "سأحاول"
عباس لا يكف عن إهداء النصائح القيمة لي.. لولاه لتحولت إلى غبار كونيّ منذ أعوام

عندما غادر (رامي) الدار، سألتها أمها في لهفة
 "هيه؟.. ما رأيك؟"
لاذت بالصمت ولم تقل شيئًا.. وأدهشها هذا الضعف من نفسها.. هذه الرقة الأنثوية تعتبرها هي شيئًا مخجلاً، ثم إنها لم تمرح ولم تتسل عليه بما يكفي
قال خالها وهو يحشو فمه بطعام العشاء
 "سمعته طيبة في عالم الأعمال؛ لكن لا أحد يعرف شيئًا عن أهله.. لا شيء على الإطلاق.. جاء من الخارج ليقيم في مصر ويحكي قصة طويلة عن أهله الذين فروا من التأميم وبقوا في الخارج"
قالت أمها رأيها الدائم في أن العريس الممتاز هو العريس الذي يكون (حالق راسُه وعادم ناسُه).. أي أنه بلا أهل، أما عن سبب جاذبية حلاقة الرأس؛ فليس لأن الأم من المعجبين بموضة
Skin head
 ولكن لأنه لابد من قافية تتناسب مع ناسُه

هكذا تم الزواج.. وهكذا سقط الطائر المراوغ الحرون في شباك الصياد الوسيم بعد سنوات من التحليق.. أما التساؤل عن الأكثر حظًا (رامي) أم (هيام)؛ فأمر يتوقف على نوعك: لو كنت من العرسان الحالمين الذين عبثتْ بهم؛ فأنت تجد (رامي) محظوظًا فعلاً، أما لو كنت مثل (ليلى) لحسدت (هيام)...ممم

على كل حال لاحظت (هيام) أشياء غريبة لم ترحها في (رامي)؛ لكنها لم تعلق عليها
لماذا ينام على ظهره دائمًا وعيناه شبه مفتوحتين؟... لماذا تصحو في منتصف الليل فلا تجده جوارها؟... أين يذهب؟.. يقول إنه يحب الهواء الطلق.. لكن أين يشمه بالضبط؟ في ذلك الفندق الذي أقاما فيه في شهر العسل، كان من المستحيل أن تخرج ليلاً، ولا يوجد شاطئ تمشي عليه بالمعنى الحرفي للكلمة
عندما عادا كانا يسكنان في منطقة منعزلة في أحد التجمعات السكانية.. هناك أصوات غريبة ليلاً.. ذئاب وربما سلعوّة.. ليس أفضل مكان يمشي فيه المرء وحده ليلاً

لكنها لم تستطع قط أن تتصيد اللحظة التي يخرج فيها ليلاً.. دائمًا تكون نائمة



قال لي (عباس) في ضيق
 "التيمة المعروفة.. زوجي غريب الأطوار.. أنا أشك في أنه ليس كما يبدو.. ألا تنوي أن تغير هذه الأحداث النمطية؟"
قلت له وقد بدأ الدم يتصاعد لرأسي
 "يا أخي لا تكن مزعجًا.. اصبر.. اصبر.."

.......

يتبع